اجتماعياتبيانات صحفية

بيان أطفال علماء حول وفاة الأستاذ فاضل جلولي: دعوة للمحاسبة وتحمل المسؤولية

ببالغ الحزن والأسى، تنعي جمعية “أطفال علماء” الأستاذ فاضل جلولي، أستاذ التربية الإسلامية بالمدرسة الإعدادية ابن شرف بالشابة، ولاية المهدية – تونس. نتقدم بأحر التعازي وأصدقها لعائلته الكريمة، ونسأل الله العلي القدير أن يرحمه برحمته الواسعة، وأن يسكنه فسيح جناته.

ولكننا نرى أن واجبنا لا يقتصر على تقديم التعازي فقط، بل يتعدى ذلك إلى فتح باب النقاش والمحاسبة حول هذا الحدث الجلل، الذي يمثل جرس إنذار خطيرًا حول مسؤولية المجتمع بأكمله، بدءًا من الأسرة مرورًا بالمؤسسات التعليمية ووصولًا إلى الجهات الرسمية التي تتقاعس عن أداء دورها التربوي والردعي.

الوجه الحقيقي للمشكلة: مسؤولية الأسرة قبل الجميع

من الخطأ أن نُلقي اللوم على الطالب أو مجموعة الطلاب الذين تنمروا على هذا الأستاذ الفاضل دون التطرق إلى جذور المشكلة. الحقيقة الصادمة هي أن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق أولياء الأمور الذين أهملوا دورهم الأساسي في تربية أبنائهم. إن ما نشهده ليس مجرد حالات فردية؛ بل هو ظاهرة متفاقمة تؤكد أن الأسرة في مجتمعاتنا العربية، بشكل عام، قد تخلت عن دورها التربوي، واقتصرت على توفير الاحتياجات المادية ومتابعة الدرجات المدرسية، متناسية أهمية غرس القيم الأخلاقية والإنسانية في نفوس أبنائها.

نؤكد أن غياب التربية السليمة هو السبب الرئيسي لهذه الكارثة. عندما يتحول دور الأب والأم إلى مجرد مراقبين مستهلكين، وحينما يصبح “الدعم الأعمى” سلوكًا شائعًا في تعاملهم مع أبنائهم، فإن النتيجة هي أجيال تفتقر إلى الانضباط، الاحترام، والإحساس بالمسؤولية.

وسائل التواصل الاجتماعي: السلاح القاتل بلا رقابة

لا يمكننا الحديث عن هذه الأزمة دون الإشارة إلى التأثير القاتل الذي تتركه وسائل التواصل الاجتماعي على نفوس الأطفال والمراهقين. هذه المنصات أصبحت ساحة مفتوحة لنشر العنف، التنمر، وانعدام المسؤولية، دون أي رقابة أو وعي حقيقي من الأسرة أو المجتمع. كيف يمكننا أن نتجاهل هذا العامل بينما تتشكل عقول الأطفال وسلوكياتهم من محتوى مدمر ومفاهيم مغلوطة؟

إن عدم وجود رقابة صارمة، سواء من الأسرة أو من الدولة، على المحتوى الذي يتعرض له أبناؤنا عبر هذه الوسائل هو بمثابة جريمة في حق الأجيال القادمة.

الحلول المطلوبة: أفعال وليست أقوال

  1. إعادة هيكلة دور الأسرة:
  • يجب أن تدرك الأسرة أن التربية ليست مجرد توفير احتياجات مادية؛ بل هي غرس القيم والضوابط الأخلاقية منذ الصغر.
  • تنظيم دورات تدريبية للأهالي لتوعيتهم بأهمية دورهم التربوي وكيفية مواجهتهم لتحديات العصر الحديث.
  1. تفعيل القوانين الرادعة:
  • على الدولة أن تتدخل بصرامة لتطبيق قوانين تحمي المعلمين وتمنع مظاهر العنف والتنمر داخل المؤسسات التعليمية.
  • فرض عقوبات على أولياء الأمور الذين يثبت إهمالهم في متابعة أبنائهم أخلاقيًا وسلوكيًا.
  1. إصلاح المنظومة التعليمية:
  • إدخال برامج تربوية ونفسية داخل المدارس تهدف إلى تعليم الأطفال قيم الاحترام والتسامح، مع متابعة صارمة لسلوكياتهم.
  • توفير دعم نفسي للمعلمين والطلاب لتجاوز الآثار السلبية لهذه الظواهر.
  1. الرقابة على وسائل التواصل:
  • فرض قوانين صارمة على المحتوى المقدم للأطفال والمراهقين عبر وسائل التواصل.
  • إطلاق حملات توعية حول مخاطر هذه الوسائل، وكيفية استخدامها بشكل آمن وبناء.

كلمة أخيرة: لا أعذار بعد الآن

إن وفاة الأستاذ فاضل جلولي ليست مجرد حادثة عابرة، بل هي صرخة تحذير للمجتمع بأسره. لا عذر لأولياء الأمور، ولا عذر للمؤسسات التعليمية، ولا عذر للدولة. إن استمرار هذا التهاون يعني مزيدًا من الانهيار الأخلاقي والاجتماعي. علينا أن نتحرك الآن، بوعي وإرادة حقيقية، قبل أن نفقد المزيد من الأرواح والقيم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى