أرخبيل المعرفة

أطفال بلا مهارات أساسية.. هل تهدد الشاشات مستقبل التعليم؟

تشير الأبحاث الحديثة إلى أن الإفراط في استخدام الشاشات قد أصبح عاملًا رئيسيًا في تراجع المهارات الأساسية للأطفال عند دخولهم المدرسة، مما يثير قلق الخبراء في مجال الطفولة المبكرة. فقد حذرت كاثرين بيكهام، المستشارة في مرحلة الطفولة المبكرة، من التأثير السلبي المتزايد للشاشات على قدرات الأطفال التعليمية والاجتماعية، مؤكدة أنها على مدار العقد الماضي لاحظت انخفاضًا ملحوظًا في استعداد الأطفال لبدء تعليمهم الرسمي.

وتوضح بيكهام أن الأطفال الذين يقضون فترات طويلة أمام الشاشات يعانون من صعوبات في الجلوس بثبات، واستخدام القرطاسية، والتفاعل مع المعلمين، فضلًا عن تأخرهم في المهارات الحركية الدقيقة اللازمة للكتابة والتعلم. وتشير إلى أن هذه الظاهرة لا تقتصر على التأثير البدني فحسب، بل تمتد إلى الجوانب الإدراكية والاجتماعية، حيث يواجه العديد من الأطفال صعوبة في تكوين الروابط الاجتماعية أو فهم التعليمات داخل الفصل الدراسي.

هل الجائحة زادت المشكلة؟
بينما قد يُعزى جزء من هذا التراجع إلى تأثيرات جائحة كورونا، خاصة في ظل الإغلاق الذي حدّ من فرص اللعب والتفاعل الاجتماعي للأطفال، فإن المشكلة تبدو أعمق وأطول أمدًا. فحتى بعد مرور خمس سنوات على الجائحة، لا تزال آثار الإفراط في استخدام الشاشات واضحة، مما يشير إلى أن التكنولوجيا قد أصبحت بديلاً غير صحي للتفاعل الطبيعي والحركة الجسدية الضرورية لنمو الطفل.

كيف تؤثر الشاشات على نمو الأطفال؟
تشبه بيكهام تأثير قلة الحركة لدى الأطفال بحالة شخص بالغ يظل لفترة طويلة داخل جبيرة؛ حيث يؤدي ذلك إلى ضعف العضلات وانخفاض القدرة الحركية. وبالمثل، فإن الأطفال الذين لا يحصلون على فرص كافية للجري واللعب والتسلق والتوازن، يواجهون صعوبة في تطوير مهاراتهم البدنية والإدراكية. وتوضح أن التفاعل المباشر مع البيئة من خلال اللعب والحركة هو أساس بناء الروابط العصبية المهمة بين الدماغ والجسم، وهي روابط لا يمكن تعويضها من خلال الجلوس المستمر أمام الشاشات.

العوامل الاجتماعية والاقتصادية تزيد من خطورة المشكلة
ليس جميع الأطفال يتأثرون بنفس القدر، إذ تُظهر الأبحاث أن الأطفال القادمين من خلفيات اجتماعية واقتصادية متدنية هم الأكثر عرضة لتأثيرات الشاشات السلبية، خاصة في البيئات التي تفتقر إلى المساحات الترفيهية الآمنة. فقد كشفت دراسة أمريكية حديثة أن الأطفال الذين ينتمون إلى مجتمعات منخفضة الدخل يميلون إلى قضاء وقت أطول أمام الشاشات، ما يحد من فرصهم في التفاعل الاجتماعي المباشر وتطوير المهارات الحركية والإدراكية الضرورية لنموهم.

حلول وتوصيات
بدلًا من منع الشاشات تمامًا، تدعو بيكهام إلى استخدام التكنولوجيا بوعي، بحيث يكون وقت الشاشة تفاعليًا وتعليميًا، يتضمن مناقشات بين الأطفال والآباء لتعزيز الفهم والتواصل. كما توصي بزيادة فرص اللعب الحركي والأنشطة الإبداعية، وتقديم برامج دعم للأسر لمساعدتها على تحقيق توازن صحي بين التكنولوجيا والأنشطة التقليدية التي تدعم نمو الطفل الشامل.

المصدر الموثوق

كاثرين بيكهام، مستشارة في مرحلة الطفولة المبكرة وباحثة،

The Guardian – يمكن البحث عن المقال الأصلي على موقع الصحيفة باستخدام العنوان أو اسم الكاتبة.

اظهر المزيد

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى