أرخبيل المعرفةصحة الطفل

ابني لا يدافع عن نفسه… هل هو طيب أم خائف؟ وكيف أعلّمه القوة دون أن أفقده براءته؟

في لحظةٍ موجعة، ترين ابنك يتعرض للضرب أو السخرية، دون أن يدافع عن نفسه… يعود إليك باكيًا، منكسِرًا، يبحث عن الأمان في عينيك. تحاولين بكل حب أن تُعلّميه كيف يكون قويًا، كيف يردّ، كيف لا يسمح لأحد بإهانته… لكنه إما يصمت، أو يتصرف بعد فوات الأوان، فيزداد ألمه وألمك معه.

هذه ليست مشكلة عابرة. إنها تمسّ كرامته، ثقته بنفسه، ونظرته لنفسه وللعالم. وهي بحاجة لاحتواءٍ عاطفي، وفهم تربوي، وخطوات ذكية.

فالطفل الذي لا يدافع عن نفسه، ليس بالضرورة “جبانًا”. قد يكون حساسًا بشدة، أو خائفًا من العقاب، أو غير مدرّب على المواجهة، أو ببساطة… لا يعرف كيف يتصرف. وربما يشعر بالأمان فقط بجانبك، ولا يرى نفسه قادرًا على المواجهة وحده.

وعندما تقولين له بحب: “روح دافع عن حالك”، قد يُربَك أكثر… لا يعرف، هل يقاتل؟ يصرخ؟ يهرب؟ هل يُلام إن تأخّر في الرد؟ هل يُمدح إن ضرب؟ الكلمات وحدها لا تكفي، بل قد تؤذيه أكثر مما تنفعه.

والأصعب من ذلك… عندما يشعر أنك تلومينه بدل أن تحتضنيه. فيغلق قلبه، ويتهرّب من الحديث، ويشعر بالخجل من ضعفه. حتى المزاح من أقرانه قد يتحول إلى سخرية مقصودة، لأنهم رأوا استسلامه.

كيف تساعدينه؟

ابدئي بالاحتواء لا باللوم. اجلسي معه، وامنحيه أمانًا خالصًا، وقولي له:
“أنا شايفة إنك بتتأذى، وقلبي بيتقطع عليك. مش زعلانة منك، أنا معك، وبدنا نلاقي حل سوا.”

ثم أعيدي تعريف “الدفاع عن النفس” له: أن يقول “لا تضربني!”، أن يرفع صوته بثقة، أن يبتعد عن الأذى، أن يذهب لشخص كبير. ليس العنف هو الحل، بل الشجاعة بالحزم.

دربيه عمليًا… بلعب الأدوار، بكلمات واضحة، بنظرة ثابتة. علميه جملًا قوية مثل: “أنا مش بلعبة!”، “ابعد عني!”. وسجليه في رياضة قتالية تُعزّز ثقته دون أن تزرع فيه العنف.

ولا تمنعي الضرب كليًا، بل قولي له: “إذا حد أذاك وكرّرها، من حقك تدافع عن نفسك… الإسلام عطانا هذا الحق.”
قال النبي ﷺ: “من قُتل دون نفسه فهو شهيد.”

تواصلي مع مدرسته، راقبي البيئة من حوله، علميه اختيار أصدقائه، واحرصي على ألا تُذكري ما يحدث أمام الآخرين… كرامته أولًا.

وامدحيه حين يُظهر شجاعة، حتى لو بكلمة. لا تقارنيه بغيره، ولا تضغطي عليه، بل اسقي قلبه ثقة، وقربيه من الله بكلمات نور:

“المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير.”

وختامًا، ادعي له:

اللهم اجعل فيه نورًا وهيبة، وازرعه ثقة وثباتًا. اجعله قويًا بحلمه، عزيزًا بخلقه، لا يُظلم ولا يظلم. وازرع في قلب أمه صبرًا وحكمة ورضًا.


اظهر المزيد

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى