
في تحوّل تربوي مثير للانتباه، أعلنت وزارة التعليم الروسية رسميًا إدراج تدريب الأطفال على قيادة الطائرات بدون طيار (Drone) ضمن المناهج الدراسية للمرحلتين الإعدادية والثانوية، وتحديدًا للصفين الثامن والتاسع، في خطوة تؤشر إلى تغييرات جذرية في مفهوم التعليم التقني المبكر، وربما أيضًا في توجهات الدولة نحو إعداد جيل مؤهل للثورة الصناعية الرابعة.
التفاصيل الأكاديمية
تأتي هذه الخطوة ضمن مادة “التكنولوجيا”، من خلال فصل دراسي جديد بعنوان:
“الطائرات دون طيار: الصفين 8 و9”
ويتضمن هذا البرنامج:
- 34 ساعة دراسية رسمية.
- محتوى نظري وعملي حول أجزاء الدرون، تقنيات الطيران، مبادئ السلامة، والبرمجة الأساسية.
- تصميم نماذج واختبارها ميدانيًا داخل المدرسة.
الكتاب المعتمد تم تطويره بالتعاون بين شركة Geoscan الروسية، المتخصصة في حلول الدرون، ودار النشر Prosveshcheniye، أكبر ناشر تعليمي في البلاد.

خلفية القرار وأهدافه
تندرج هذه المبادرة ضمن خطة وطنية روسية كبرى تهدف إلى:
- تدريب مليون مشغّل درون بحلول عام 2030.
- إدخال التكنولوجيا الحديثة إلى الصفوف الدراسية لتحفيز التعلم الإبداعي والمهني.
- تعزيز القدرات التكنولوجية لدى الأجيال الجديدة، بما يتماشى مع سوق العمل المستقبلي وخاصة في مجالات الأمن، الصناعة، والزراعة.
وقد صرحت وزارة التعليم الروسية أن الهدف الأساسي هو “تمكين الطلاب من فهم أنظمة الطيران غير المأهولة التي أصبحت أداة رئيسية في عالمنا الحديث”.
ما الذي يميز هذا المنهج؟
- دمج الجانب العملي: يتم تدريب الطلاب على استخدام طائرات حقيقية، وتجريب الطيران في بيئات آمنة.
- ربط بين البرمجة والميكانيك: حيث يكتسب الطلاب فهماً للأنظمة الذكية والمستشعرات.
- تحفيز التعلّم الاستكشافي: وهو ما يتوافق مع أحدث نظريات التعليم القائمة على المشروع والابتكار.

تساؤلات وملاحظات تربوية
رغم الجوانب الإيجابية، يطرح هذا التوجه تساؤلات مهمة:
- هل هو مجرد تعليم تقني أم تحضير ضمني لأدوار عسكرية؟
نظرًا للانتشار العسكري الواسع للدرون، يخشى البعض من عسكرة التعليم. - ماذا عن البُعد الأخلاقي؟
هل سيكون هناك توعية كافية حول الاستخدامات السلمية لهذه التكنولوجيا؟ - هل يمكن تعميم التجربة في دول أخرى؟
وهل لدى أنظمتنا التعليمية المرونة والموارد لتطبيق مسارات مشابهة؟
ما الذي يمكن أن تتعلّمه الدول العربية من هذه التجربة؟
- أهمية مواكبة التعليم للتطور التكنولوجي وعدم الاكتفاء بالمناهج التقليدية.
- تشجيع الأطفال واليافعين على التخصصات العلمية التطبيقية مثل الإلكترونيات والبرمجة.
- إدراج مشاريع تكنولوجية فعلية ضمن المقررات الدراسية بدلاً من الاكتفاء بالجانب النظري.
إدراج طائرات الدرون في المناهج الدراسية الروسية هو بلا شك تطوّر لافت يعكس حجم التحوّل في فلسفة التعليم العالمي.
إنها دعوة للتفكير الجاد في كيفية إعداد أبنائنا لعالم يتحرك بسرعة الضوء، لا بالكتب فقط، بل بالأدوات الذكية والطائرات الصغيرة التي قد تغيّر مستقبل العالم بأسره.

المصادر:
- Newsweek – Russia Schools to Teach Kids How to Fly Military Drones
- Geoscan Official Website – Drone Education Program